أهمية المشاركة الأسرية في جميع المراحل العمرية لأصحاب الإعاقة

فريق عمل تأهيل ويب
نشر في - 2023-08-27

أهمية المشاركة الأسرية في جميع المراحل العمرية لأصحاب الإعاقة 


لابد من الإشارة بدايةً إلى دور الأسرة الأساسي في حياة الطفل بدايةً على مستوى فترة الحمل حيث أن الاستقرار النفسي للأسرة في هذه المرحلة هام جداً للجنين، إن للأسرة دور أساسي في المساهمة بتربية الطفل فهي الأساس ولها دور كبير في مشاركتها مع أطفالها في جميع مراحلهم العمرية ومدى الثقة الذي يشعر به الطفل العادي عندما يرى جميع أفراد أسرته محيطين به ويبذلون قصارى جهدهم؛ فترى الأسرة تدعم طفلها منذ اليوم الأول كما تتابع الطفل طوال السنوات الخمس  الأولى في المنزل لكي يكتسب الطفل معايير النمو السليمة، ثم تفتح أبواب الحياة أمام طفلهم وتستمر مشاركاتهم في جميع المراحل المصيرية لأجل تحقيق غاية التربية الأساسية وهي الوصول بهذا الطفل إلى مرحلة الاستقلالية في دوره واعتماده على نفسه قدر الإمكان لكي ننشئ جيل منتج للأسرة وللمجتمع.


فكيف إذا كان هذا الطفل من أصحاب الإعاقة؟

لابد من التطرّق إلى أن وجود طفل معاق في الأسرة يعتبر حادثة ضاغطة لها تحدياتها الخاصة ولكن بدرجات متفاوتة بين كل أسرة، وقد تؤثر على الوالدين أكثر من الطفل نفسه.

في هذه الحالة لا يجد الوالدين نفسيهما إلّا مرغمين على التكيّف لحدث مربك أثر على أحداث حياتهم ويمر الوالدين من خلال هذا الحدث سلسلة من ردود الأفعال المحتملة، وهي: 

أهم ما قد تمر به أسر الأطفال من أصحاب الإعاقة منذ بداية تلقي خبر وجود إعاقة لدى طفلها :

  • مرحلة الصدمة: وهنا نعني بها عدم تصديق أولياء الأمور للحقائق، وتعتبر أول رد فعل نفسي يحدث عند ولادة الطفل المعاق، لأن الأهل يكونوا قد رسموا صوراً مثالية لما سيكون عليه الطفل عند الولادة، وعندما يأتي الطفل على غير توقعاتهم تكون الصدمة كبيرة بالنسبة لهم، وتختلف الصدمة من حيث درجتها وقوتها من اسرة إلى أخرى، وتبدأ الأسرة هُنا في طرح الأسئلة الاستنكارية مثل، أليس هذا ظلماً؟، كيف حدث هذا الأمر؟، لماذا نحنُ؟.

وفي هذه المرحلة تحتاج الأسرة إلى أكبر قدر من الدعم والفهم من قِبل الجميع. 

  • مرحلة الإنكار والتشكيك (النكران): يتخذ النكران هنا عدة أنماط، فقد يوجه الآباء والأمهات تشكيكات حول نتائج الفحص، ويصرون على التعامل مع الطفل المعاق على أنه طفل سوي، والنكران لا يلاحظ بشكل مباشر فالآباء في هذه المرحلة لا يسمعون إلّا للآراء الإيجابية ويتنقلون بالطفل من أخصائي إلى آخر آملين لحل هذه المشكلة التي يتوقعون أنها آنية.

ويواجه الأهل صعوبة في تصديق الفحص خاصة إذا كان الطفل لا يبدو عليه أنه مختلفاً عن الأطفال العاديين، وهنا تزداد فترة الإنكار، أما إذا كانت الإعاقة ظاهرة فمن الصعوبة الاستمرار في إنكار الإعاقة لدى الأهل هُنا. 

وهُنا على الأخصائي قبول مرحلة النكران للأهل لكن دون حرمان الطفل من الخدمات التي يحتاج لها، والآباء الذين يظهرون النكران لا يعانون من عجز في المنطق ولا هم غير قادرين على فهم ما يجري حولهم، وهم آباء محبون لأبنائهم ولكنهم لاسباب قد تكون مقبولة لا يستطيعون المشاركة في تأهيل طفلهم المعاق.


  • مرحلة الشعور بالذنب وتأنيب الضمير: وهو أكثر الحالات الإنفعالية ذات شدّة وقسوة على الوالدين وقد يظهر الشعور بالذنب لدى الطفل المعاق من خلال ثلاث أشكال:

1- أن يشعر الوالدان أنهم السبب في إعاقة طفلهما، فقد تشعر الام أن الإعاقة لطفلها قد نجمت عن طريق تناول العقاقير الطبيّة أثناء فترة الحمل، أو عن طريق عوامل وراثية أو مرض أصيبت به.

2- قد يعتقد الوالدان بأن الإعاقة الطفل إنما هي عقاب على فعل خاطئ صدر عنهما في الماضي وهم يدفعون الثمن الآن.

3- شعور الوالدان بأن الإعاقة شيء سيء وأن الأمور السيئة لا تحصل للإنسان الجيد ولذلك فهما يشعران بالذنب لمجرد وجود إعاقة.




  • الخجل والخوف:

كثيرا ما يشعر الوالدان بشكل أو آخر بالخجل من هذه الإعاقة لأنها يعتقدون أن الاتجاهات السائدة في المجتمع نحو الأشخاص المعوقين سوف تؤدي إلى رفض ابنهم وأن وجود الطفل بهذه الصورة ما هو إلا عقاب للوالدين على خطيئة ارتكابها، ولأن الوالدان جزء من هذا المجتمع الكبير الذي تسوده مثل هذه المعتقدات فلا غرابة أن يحاول الوالدان تجنب مخالطة الناس وعزل طفلهم المعوق خجلا من ردود الفعل الآخرين.


  • الغضب والاكتئاب: إن عدم نجاح المحاولات المستمرة لمعالجة الإعاقة كثيرا ما تحتاج إلى الشعور باليأس وفقدان الثقة بالأطباء وفقدان الأمل بالمستقبل.

والإكتئاب هنا يعني الغضب الموجه نحو الذات فقد يشعر الآباء أنه ليس بمقدورهم عمل أي شيء للحيلولة دون حدوث الإعاقة فيغضبون من أنفسهم على هذا الشعور بالعجز أو قد يشعرون أنه كان بإمكانهم عمل الشيء الكثير للوقاية من الإعاقة فنجدهم غاضبين من أنفسهم لأنهم لم يفعلوا ما يستطيعون من أجل ذلك.

وقد يوجه الآباء غضبهم نحو أخوة الطفل أو الأخصائيين وهذا أمر يؤسف له حقاً لأن الآباء يوجهون غضبهم نحو الناس الذين يحتاجون إليهم وإلى دعمهم.

وينبغي التنويه هنا إلى أن الحديث عن الغضب يتعلق بذلك النوع من الغضب الذي ليس له أساس واقعي، وهذا يختلف عن الغضب الناجم عن عدم توفر الخدمات الملائمة للطفل أو الأخطاء التي يرتكبها الاخصائيون.


  • القلق: قد يعاني بعض الآباء بشعور عام بالقلق بسبب إنجاب طفل معوّق وهذا الشعور بالقلق ينجم عن المسؤوليات الجسيمة والضغوط الهائلة التي تترتب على إعاقة الطفل، فالطفل الذي لديه عجز واضح والاختصاصيين غير قادرين على عمل شيء له ولا يمكنهم مساعدة آبائهم من التخلّص من القلق الموجود لدى الاسرة وان ندرك أن مشاعر القلق قد تعطي فرصة للآباء لإعادة بناء إتجاهاتهم نحو المسؤولية.


  • الرفض والحماية الزائدة: يتبنى بعض أولياء الأمور مواقف سلبية جداً من طفلهم المعاق من جراء الرفض، والرفض له شكلان:

1- الرفض العلني المباشر: يتمثل في إساءة المعاملة له سواء من الناحية الجسمية أو النفسية.

2- الرفض الضمني غير المباشر: يتمثل في إهمال الفرد وعدم تقبله والاستياء من وجوده.


  • مرحلة التقبل: 

من أهم مفاتيح وصول أولياء الأمور إلى مرحلة تقبل إعاقة طفلهما هي حاجتهم إلى تقبل الذات أولاً، وذلك يعني بالتخلص من مشاعر الذنب والشعور بالمسؤولية الشخصية عن الإعاقة، فتقبل الإعاقة لا يعني إبداء عدم الشعور بالآلام أو انتهاء الأحزان وثمة من يعتقد أن أسرة المعاق تعاني من الأسى المزمن.

في هذه المرحلة يبحث الأهل عن الخدمات وبرامج التربية الخاصة لمساعدة ابنهم المعاق وتكون الأسرة في وضع نفسي جيد من أجل أبنائهم المعاقين.


بعد كل تلك التحديات التي يمر بها أولياء أمور الطفل ذوي الإعاقة يجب علينا ذكر أن على المقابل الآخر نرى أن الطفل المعاق يمر بعدة تحديات أخرى وهنا تنقسم تلك التحديات إلى:

  • تحديات ما قبل التقبل:

من الممكن للأسرة التي لا تزال تحت تأثير الصدمة في حال كانت الفترة الزمنية طويلة جداً أن تؤثر على الطفل المعاق من ناحية: العوامل النمائية، والجوانب النفسية، والاجتماعية. وكل تلك الجوانب مترابطة مع بعضها البعض وأي تأثير في واحدة منها يؤثر على الآخر.

من ناحية العوامل النمائية: في حال كانت الأسرة لا تزال تحت تأثير الصدمة وكانوا متأثرين في المشكلة أكثر من حلّها فهنا سيتأثر الطفل المعاق كونه بحاجة ماسة إلى التشخيص الدقيق لحالته وإلى خدمات التدخل المبكر التي سوف تساهم بالتخفيف من الفجوة التي سوف تشكلها الإعاقة ما بين نموه الجسدي والعقلي.

الجوانب النفسية: هنا نستطيع توضيح أن الطفل ذو الإعاقة قادر على الإحساس بما يجول حوله من مشاعر سواء سلبية أو إيجابية من قِبل الوالدين وعند الأعمار المتقدمة سوف يُلاحظ اتجاهات الأسرة كاملة نحوه وردود أفعالهم، وبعد هذه البيئة الصغيرة سوف يكون عليه مواجهة فكر واتجاهات مجتمع بأكمله.

جوانب  الإجتماعية:

في حال كانت اتجاهات المجتمع إيجابية: سوف تساهم الإتجاهات الإيجابية في جعل الطريق أمام الأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم لا محدود من الخدمات والتهيئة وتلبية الحقوق.

في حال كانت اتجاهات المجتمع سلبية: سوف يواجه الأطفال وأسرهم المزيد من التحديات في ظل محدودية الخدمات والصورة المغلوطة نحو مفهوم الإعاقة وأصحاب الإعاقة.


وهنا سوف نتطرق لما هو محور الإهتمام وجُل الموضوع وهو (أهمية المشاركة الأسرية مع طفلهم المعاق في جميع مراحل حياته).

لابد للقارئ والعارف بخلفية الإعاقات ومجال التربية الخاصة أن يواجه سهولة لنسبة محددة في حال تعامل مع طفل معاق أو وهبه الله بطفل معاق، ولذلك نحنُ نتحدث عن هذا المحور اليوم، فكلما زادت ثقافة المجتمع بالاضطلاع والتثقيف كان أثر هذه الأحداث أخف على عاتقهم وكانت عملية مشاركتهم ودعمهم لطفلهم بوقت مبكّر ليلبي حاجاته وحاجاتهم.


وقد ذكرنا مقدماً أهمية المشاركة الأسرية مع طفلها العادي، فكيف سوف يكون أثر المشاركة الأسرية للطفل المعاق؟

يؤدي الاتجاه السلبي من الأسرة والمجتمع للطفل المعاق إلى نظرته الدونية لنفسه مستقبلاً وإلى جعل هذا الطفل عبئ على المدى البعيد على نفسه وعلى الأسرة وعلى المجتمع حيث أن شح الخدمات وعدم الاهتمام وقلة التوجيه سوف يجعلون الطفل اعتمادي من الدرجة الأولى على جميع من هُم حوله.

إلّا أن الإتجاه الإيجابي وهو ما يهمنا هُنا سوف يساهم بشكل كبير جداً إلى تحقيق الغاية الشاملة من خدمات التربية الخاصة وهي (وصول الفرد المعاق إلى اعلى مستوى من الإستقلالية والإعتماد على النفس).

حيث تنقسم الإعاقات من حيث الدرجة إلى أربع أقسام في حالة (الإعاقة العقلية) وهي:

البسيطة: نطلق عليهم مسمى (القابلون للتعلّم) وهم يستطيعون دخول المدرسة حتى الصف السادس.

المتوسطة: نطلق عليهم مسمى (القابلون للتدريب) حيث يمكن تدريبهم وتأهيلهم لكي يتخصصون في مجال محدد مثل (الحرف اليدوية، صناعة الفخار … والعديد من المجالات الأخرى).

الشديدة جداً: (الاعتماديون) وهنا تكون نسبة الاعتمادية أكبر من الاستقلالية لدى الفرد المعاق في حكم إعاقته.


ولذلك تهتم التربية الخاصة والأخصائيين مع الأهل في التركيز على مهارات الحياة اليومية وتقديم جلسات تدخل مبكر وتعديل السلوك والكثير من الخدمات الأخرى الضرورية لوصول الطفل إلى مرحلة الاستقلالية.


إن سعي الأسرة نحو مصلحة طفلها المعاق رغم جميع التحديات سوف يساهم في تعزيز ثقة الطفل بنفسه وعندما تكون اتجاهات المجتمع إيجابية سيثق الطفل في مجتمعه أيضاً و سيشغل أثراً وسيكون نموذج يُحتذى به لدى الجميع ما سيؤثر على جميع الأسر التي لديها طفل معاق ما سيساهم في زيادة اهتمام المجتمع والدولة نحو هذه الفئة بالسعي لتحقيق بيئة تتناسب مع جعلهم أكثر استقلالية وإنتاجية.

الأكثر قراءة